الحمد لله الحمد لله
قال صلى الله عليه وسلم : كل أمر ذي بال لا يبدأ فيه بحمد الله فهو أجذم رواه أبو داود ، وابن حبان في " صحيحه " من حديث أبي هريرة رضي الله عنه . ومعنى " ذي بال " أي : حال يهتم به ، والأجذم ، بالجيم والذال المعجمة هو الأقطع ، ومعناه : أنه مقطوع البركة .
والحمد : هو الثناء باللسان على قصد التعظيم ، سواء تعلق بالنعمة أو بغيرها ، والشكر ينبئ عن تعظيم المنعم ، لكونه منعما ، وسواء كان باللسان ، أو بالجنان ، أو بالأركان ، فمورد الحمد هو اللسان وحده ، ومتعلقه النعمة وغيرها ، والشكر يعم اللسان وغيره ، ومتعلقه النعمة فقط ، فالحمد أعم من الشكر باعتبار المتعلق ، وأخص باعتبار المورد ، وعكسه الشكر ، فبينهما عموم وخصوص من وجه ، لأنهما يجتمعان في مادة ، وهو الثناء باللسان في مقابلة الإحسان ، ويفترقان في صدق الحمد فقط ، على الوصف بالعلم والشجاعة ، وصدق الشكر فقط ، على الثناء بالجنان أو الأركان في مقابلة الإحسان . وقيل : الحمد أعم من الشكر ، وقيل : هما سواء . ونقيض الحمد : الذم ، ونقيض الشكر : الكفر . والألف واللام فيه للعموم ، أي : يستحق المحامد كلها ، واختلف في اشتقاقه ، فقال النضر بن شميل : هو مشتق من " الحمدة " وهي شدة لهب النار ، وقال ابن الأنباري : هو مقلوب من " المدح " كقولهم : ما أطيبه وأيطبه .
( لله ) اسم لذات الواجب الوجود ، المستحق لجميع المحامد ، ولهذا لم يقل : الحمد للخالق ، أو للرزاق مما يوهم باختصاص استحقاقه الحمد بوصف دون وصف . ونقل البندنيجي عن أكثر العلماء أنه الاسم الأعظم ، لأنه في سائر تصاريفه يدل على الذات المقدسة . وذهب الخليل بن أحمد ، وأبو حنيفة أنه ليس بمشتق ، وذهب آخرون وحكاه سيبويه عن الخليل إلى خلافه ، فقيل : هو من أله بالفتح " إلاهة " ، أي : عبد عبادة ، والمعنى : أنه مستحق العبادة دون غيره . وقال المبرد : هو من قول العرب : ألهت إلى فلان أي : سكنت إليه ، وأصله : إله لقوله تعالى : وهو الذي في السماء إله [ الزخرف : 84 ] فأدخلت عليه الألف واللام ، فصار " الإله " ، ثم ألقيت حركة الهمزة على لام التعريف ، ثم سكنت ، وأدغمت في اللام الثانية ، فصار " الله " بالترقيق ، ثم فخم إجلالا وتعظيما ، فقيل : " الله " كذا قرره أبو البقاء وغيره ، وفيه نظر ، لما فيه من التكلف . وهو عربي خلافا للبلخي في تعريبه من السريانية .
( المحمود ) هو صفة لله تعالى ، والأولى جره ، وكذا ما بعده من الصفات . ( على كل حال ) لما روي أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا رأى ما يعجبه ، قال : الحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات ، وإذا رأى غير ذلك ، قال : " الحمد لله على كل حال . ( الدائم ) قال تعالى : أكلها دائم [ الرعد : 35 ] أي : مستمر ، ولما كان أحق الأشياء بالدوام هو الله ، كان الدائم هو الله تعالى . ( الباقي ) قال تعالى : ويبقى وجه ربك [ الرحمن : 27 ] والدوام أعم من البقاء ، لأنه يستعمل في الزمن الماضي ، ويسمى أزليا ، وفي المستقبل ويسمى أبديا . ( بلا زوال ) ، أي : بلا انفصال ، ( الموجد ) هو اسم [ ص: 21 ] فاعل من أوجد ، ( خلقه ) ، أي : مخلوقاته ، إذ المصدر يرد بمعنى المفعول ، كقولهم : الدرهم ضرب الأمير ، أي مضروبه . ( على غير مثال ) سبق ، لأنه أنشأها من العدم ، لكمال قدرته وعظمته .