الغياب
إذا كانت المرايا هي لصوص الوجوه ..
فإن الغياب هو سارق الفرح من القلوب
لأنه يجعل الروح تحلق وحيدة على أطراف حلم لا ملامح َلهُ
بعيدا عن مرافئ الحنان والأمان
وفي الغياب
يجتاحَنا سؤال مخيف :
ماقيمة الحب إذا ضاع العمر في الإنتظار ؟
ولماذا يبتاغنا الغياب دوماً من باب كان مهيأ للحضور ...
في الغياب
تقرأ جرحك بتأَني وعمق وتشعر أنك بـ حاجة
إلى أن تعيد إكتشاف نفسك من جديد
وترتيب أوراق روحك المبعثرة
وربما أيضا إكتشاف الوجه الآخر الحقيقي لمن تحب
وربما أيضا الوجه الآخر للغياب
حينما تشعر أن في صدرك أماني ذبحها الغياب ...
في الغياب
نرى من نحب بصورة أوضح ونحس بمدى أثرهم
وتاثيرهم بشكل أدق ..
ففي الغياب تكبر محبتنا لهم وتصغر محبتنا لأنفسنا ...
إن الغياب
هو أعظم قوه لمن نحب
لأنه يصبغ علية صفات الجمال و الكمال
وكأنه كائن خرافي وإسطوري
فنتوهم في غيابة أنهُ لديهِ تلك المقدرة
على تغيير كل الأشياء والأحاسيس
بمجرد حضورهِ ...
في الغياب
تتسع خارطة الشوق في جغرافية الروح
وتضيق مساحة العتاب والخصام
لأننا نعرف جيداً طعم بكاء الأشياء التي يخلفها الغياب
ونرى كيف أن الحزن فيه يصفد أبواب الحلم
في الغياب
نقرأ دفاتر الذكريات لوحدنا ونزينها بألوان الحنين الزاهية
ونرسم على السطور بعضاً من علامات الإستفهام
والتعجب والفواصل ..
ونتردد ونحن نضع نقطة في آخر السطر
لأننا نخشى أن تكون هذة النقطة الأخيرة
هي نقطة الوداع والفراق الأخير ...
والغياب
أحيانا يكون جمرة يتقد بها الحب وأحياناً يكون فرصه
لأن يهدأ هذا الجمر المشتعل ثم ينطفئ ويترمد
ليصبح مع الزمن مجرد ذكرى لحب كان مهيأ
أن يكون ناراً تضئ القلب وتشعل شموع الوجد
في الغياب
نكتشف أحياناً أنه لم يتغير شئ سوى
أننا لم نعد نحس بشئ ولم تعد لدينا القدرة
على الإستمتاع بأي شئ
حتى السفر الذي نحبه نراه
رحلة جديدة في درب الغربة والإغتراب ...
في الغياب
نكون دائما مع الآخرين لكننا نشعر
بأننا لوحدنا بصحبة حزننا وجرحنا
وكما أن الأشجار تموت ولكن واقفة
فإن بعض مشاعر الحب تموت في الغياب
ولكن
.
.
.
.
.
بكبرياء
في الغياب
نرى دوماً الشوق والحنين وَجهَيّن لِعُملَه واحدة
الشوق لما هو آتي والحنين لما مضى
وكلاهما طعمهُ شديد المرارة والحموضة والملوحة
في الغياب
يبقى القلب مُشرعاً بيارق من خوف وأمل ورجاء
تنتظر من يأتي وربما لا يأتي